آخبار عاجل

حروب تكنولوجية ساخنة  .. بقلم : د_ محمد مصطفى الخياط

11 - 08 - 2020 1:41 483


فى عام 2004، نشر الكاتب الأمريكي، دان جيلمور، كتابه (نحن الإعلام We the Media)، مستشرفًا مستقبل وسائل الاتصال الجماهيرية، فى وقت لم تكن ثورة المعلومات قد تجاوزت فيه عتبة خدمات البريد الإليكتروني، والمدونات، والرسائل الصوتية، وغرف الدردشة.
بعين زرقاء اليمامة، توقع جيلمور سيادة المنشورات الإليكترونية على نظيرتها الورقية، واحتدام الصراع بين الشركات بشأن حقوق الملكية الفكرية والرقابة على النشر، وتدفق فيضان مواقع إخبارية يصنع موادها المشاهدين بدلاً من تلك المطبوخة بيد محترفين يتقنون فن صياغة الرأي العام، اتباعًا لمبدأ، (إذا كانت الأخبار لا تعجبك.. اذهب واصنع بعض الأخبار الخاصة بك)، إيجابيًا تتسع دائرة الرؤية، وسلبيًا تزداد الخلافات عُمقًا.
فى بدايات الألفية الثانية، بدت الإنترنت كنهر عظيم تتدفق بياناته عبر كابلات محدودة السعة، ومودم لا تتجاوز سرعته 54 ميجا بت فى الثانية مما جعلها بطيئة ومملة ومعرضه للانقطاع، مع انتاج شركة سيسكو جهاز راوتر عام 2004، تغير المشهد بكامله، سرعة 92 مليون ميجا بت فى الثانية، ولتقريب الفارق بين الجهازين، يحتاج المودم أكثر من ثمانين عامًا لنقل بيانات مكتبة الكونجرس، فيما يختزلها الراوتر إلى أربع ثوان ونصف.
مع تطور سرعة الإنترنت وصناعة البرمجيات، ظهرت برامج يوتيوب عام 2005، وبعدها بأربع سنوات واتس آب، وفى عام 2010 أُطلق برنامج إنستجرام، تلاه سناب شات، ثم تويتر فى 2012، وغيرها من تطبيقات وصلت بعدد المستخدمين إلى أربعة مليارات، حَمَّلَ نصفهم برنامج تيك توك، لمقاطع الفيديو والمملوك  لشركة بايت دانس الصينية، فى غضون أربع سنوات من إطلاقه، تجاوزت قيمته السوقية 140 مليار دولار، مما أقلق عمالقة وادى السليكون الأمريكي، آبل، وجوجل، وميكروسوفت، وفيسبوك، والتى تتراوح قيمة كل منها بين تريليون إلى نصف تريليون دولار. 
مخافة تهديده للأمن القومي، أعرب الرئيس ترامب عن اعتزامه وقف تيك توك فى أمريكا، ثم عاد وأرجأ القرار، مدة خمس وأربعين يومًا، بعد اجتماع مع رئيس شركة ميكروسوفت؛ إما استحواذ الأخيرة على الشركة المالكة للتطبيق أو حظره، من جانبها تسابق بايت دانس الزمن لتتحول إلى شركة عالمية من خلال تغيير نسب أسهمها، مع احتفاظها بنسبة حاكمة لا تقل عن 30%، مما يمكنها من العمل في أمريكا بحرية.
منذ توليه الحكم في يناير 2017، يتصدى ترامب لقرصنة بعض الشركات الصينية على حقوق المعرفة والملكية الفكرية ولاسيما بالقطاع التكنولوجي، حيث أشار فى كلمته بالأمم المتحدة العام الماضي إلى خسارة شركة ميكرون تكنولوجيز الأمريكية أكثر من ثمانية مليارات دولار جراء سرقة تصاميمها للوحات الإليكترونية. وفي ديسمبر 2018 اعتقلت الشرطة الكندية ابنة مؤسس شركة هواوي، ورئيس القطاع المالي فى الوقت ذاته، وفى أبريل 2019 وجهت المخابرات الأمريكية للشركة تهمة التجسس وادرجتها على القائمة السوداء، ثم توالت حرب اقتصادية باردة بين الجانبين استخدم فيها سلاح الضرائب على البضائع المتبادلة بين الجانبين. 
وأخيرًا، تعى أمريكا تمامًا أنها أمام دولة عملاقة، ينمو ناتجها المحلى بما يعادل ثلاثة أمثال نظيره الأمريكي؛ ما تمشيه أمريكا فى ثلاث سنوات، تقفزه الصين فى عام واحد، لذا يُضَيق نجاح الشركات الصينية الفارق بين الدولتين. فرضت التكنولوجيا نفسها على الجميع وتحولت برامج التسلية والفضفضة وتسجيل الذكريات إلى مصادر للمعلومات والدخل القومي فلم تتوقف المنافسة عند حدود الشركات، كما أشار جيلمور فى كتابه، بل تخطتها إلى مستوى حروب ساخنة بين الدول، تُرى من يفوز؛ التنين الصيني معتمدًا على حكمة الأجداد، أم الكاوبوى الأمريكي المولع بالمغامرة والمواجهة.
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved